لقد عنيَ ديننا الإسلامي الحنيف بالمعوقين كلّ اعتناء، بدءاً من عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) والخلفاء والحكام من بعده، حيث لقيَتْ هذه الفئة - المعوقين - كلّ الرعاية والاهتمام في ظل مبادئ هذه العقيد السمحاء حتى وقتنا الحاضر في العديد من البلدان الإسلامية المقتدرة، التي سخرّت كل جهودها وإمكاناتها سبيلاً لتوفير أفضل الخدمات من خلال دمجهم وتصييرهم أعضاء في المجتمع يفيدون ويستفيدون في كل المجالات، بخدماتها المقدمة والمُتاحة لهم.
ولاأدّل - في حديثنا - عن تلك الحالات، بروز المجال الرياضي وتصدّره وممارسة ذوي الاحتياجات الخاصة على اختلاف إعاقاتهم وفئاتهم لمختلف أنواع الرياضات على مختلف الأصعدة المحلية والإقليمية والعالمية. غير أنّ الواقع المُغاير، يؤكد على أنّ نظرة المجتمع لأفراد هذه الفئة، لم يزل يعتريه كثيراً من القصور؛ الأمر الذي أدّى إلى تقسيم المجتمع بناءً على النظرة التي توجه إلى الطفل المعوق. وإذا ما تناولنا إجمال تلك النظرة وتقسيماتها؛ فإنّها تتعدد إلى أكثر من فرقة، حيث تنظر إحداها له - أي الطفل المعوق - على أنّه »وصمة عار« على مجتمعه تارةً، أو يستحق الشفقة والعطف المبالغ فيه تارةً أخرى. وكلتا النظرتين لا تخلوان من السلبية المتجلية إلا أنّ النظرة التي تتعامل معه وكأنّه سويٌ، سوى أنّه قد فقد عضو من أعضائه أو حاسة من حواسه، ولكن باستطاعته تحقيق ما يطمح الوصول إليه من غايات وتحقيق ما يصبو إليه من مرامي رياضية أو سواها، بمعنى أنّ إعاقته لا تمثل حجرَ عثرة أمام أي نشاط أو رياضة أو غيرها بالنسبة إليه، بل هي مصدر قوة وطموح لا تحدُّ ممّا يتطلع إليه على أساس معاملته وفق ما تبقى لديه من عقلية، لا على عضلاته وبنيته الجسمية.
وعلى هذا الأساس، يؤكد باحثو المجال بالتعاون مع علماء الاجتماع والإنسانيات، على أنّ المحور الأساس في المعادلة هو »العوق الفكري« لا الجسدي أو السمعي أو البصري أو النطقي أو سواه، بقدر ما هو الإعاقة التي تُخلخل الفكر وتُزعزع التوجّه الذهني لبني الإنسان - وهو الأشد خطورةً. ولا ندّل على ذلك، إذا ما أوقف أحدهم وسيلة ترحاله وتنقله في المواقف المخصصة للمعوقين دون مراعاة لحقوقهم ومشاعرهم وتقدير ظروفهم متجاهلاً اللوحات الإرشادية المثبتة في تلك المواقف التي لا تُجيز له ذلك. وقس على ذلك الإنسان الذي كلّف بعمل من الأعمال الخاصة أو العامة، والتي لا يُراعي من خلالها شؤون الناس، بمن فيهم المعوقين دون إدراك للمسؤولية الملقاة على عاتقه، لهو الآخر مُصاب بإعاقة تختلف عن الإعاقات الأخرى - بل أشد.
إنّها الإعاقة التي تُغطي على كل أنواع الإعاقات مهما كانت درجتها، ناهيك عن ذلك الشخص الذي يقود سيارته بسرعة جنونية ويقطع إشارة العبور مُعرضاً نفسه و مستخدمي الطريق الآخرين للخطر دون مبالاة؛ ممّا قد يُسفر عنه حادث أليم يوُدي بحياة الأبرياء، أو على الأقل يُسبّب لهم إعاقة مستديمة. وهذا ما يستوجب تضافر الجهود من المجتمع جنباً إلى جنب لتصويب الأوضاع و تصحيح السلوكيات وصولا إلى مجتمع واع خالٍ من الإعاقة.
وفي سياق حديثنا هذا أوذاك، تبقى مسألة التصدر الرياضية للمعاقين في مختلف الأنشطة البدنية كالجمباز والعدو ورمي الجلة ورفع الأثقال وغيرها، فضلاً عن أنواع الرياضات الأخرى ككرة القدم أوالسلة أوالسباحة أو ألعاب القوى وسواها محلياً و إقليمياً ودولياً، تبقى هذه المناشط جاثمة لمحين الوعي المجتمعي بدورهم.
جاسم المحارّي
اختصاصي تربية خاصة