كبر الخط -
صغر الخط -
الإفتراضي حذر أحد كبار علماء الدين في المغرب من ظاهرة الزواج الذي يحصل كل صيف لآلاف المغربيات من أوروبيين خلال "سياحتهم"، معتبرا أنه "حرام" لأنه زواج من كفار.
و يشهد صيف كل عام في المغرب "إقبال أوروبي" لافت على الزواج بمغربيات بالتزامن مع "سياحتهم" في البلاد، وسط وجود جملة من الظروف التي تساعد هذا النوع من الزيجات وهو استغلال التغييرات الجديدة في مدونة الأسرة التي أضعفت من شأن الولي في الزواج بحيث يمكن أن يتم العقد بدونه.
أرقام
وتقبل بعض الفتيات على هذا النوع من الزواج في ظل تفشي العنوسة واعتباره فرصة للعبور نحو الديار الأوروبية، وهو ما تؤكده أرقام رسمية تتحدث عن زواج 996 فتاة سنة 1997، وارتفع هذا العدد إلى 2507 فتاة عام 2001، ثم إلى أكثر من 5664 فتاة صيف 2007- وفق أرقام وزارة العدل المغربية.
وفاق عدد المغربيات المتزوجات بأجانب عدد الرجال المغاربة المتزوجين بأجنبيات في عام 2007، 5664 فتاة مقابل 4320 شابا مغربيا، مما يعني أن "الظاهرة" سائرة في الانتشار، رغم أن بعض الباحثين الاجتماعيين لا يرون تسميتها بالظاهرة، وإنما بالحالات المتفاقمة خاصة في المدن السياحية الكبرى مثل اكادير ومراكش وغيرهما.
وفي كثير من الأحيان يقترن الزوج الأوروبي بالفتاة المغربية مبديا إسلامه "الشكلي" حتى يتم الارتباط الرسمي، لكنه فور ما يتم الزفاف حتى يرتد عن الإسلام، الشيء الذي يؤدي إلى مشاكل تواصلية وعائلية بين الفتاة والزوج الأجنبي، بَيْد أن بعض الفتيات لا يكترثن لهذه المسألة ويعتبرن الزواج بذلك الأجنبي جسر عبور نحو "الفردوس" الأوروبي.
محرم شرعا
وأكد الشيخ محمد التاويل، من علماء القرويين بفاس ومن كبار علماء المالكية بالمغرب، في حديث مع "العربية.نت" أن هذا الزواج يعد محرما شرعا، فالنصوص القطعية من القرآن الكريم والسنة النبوية تدلان على هذا التحريم، معتبرا أن الأمر محسوم بالنسبة للمغربية المسلمة التي تتزوج أجنبيا كافرا، في حين أن الرجل المسلم يمكنه أن يتزوج محصنة من أهل الكتاب.
وميز عالم الدين المغربي بين الأجنبي الذي تتزوج منه الفتاة المغربية وهو على ديانته، حيث الحكم الشرعي واضح وقطعي، وبين الأجنبي الذي يدخل الإسلام إرضاء للفتاة فقط قبل كتابة عقد النكاح، ثم يعود إلى ديانته بعد الزفاف، موضحا أن هذا الأجنبي إذا نطق بالشهادتين يكون قد دخل الإسلام حتى لو كان إسلامه شكليا بغية قبول الزواج فحسب، فأصل العقد هنا صحيح لأن الدخول إلى الإسلام يستوجب النطق بالشهادتين فقط.
وبالتالي ـ يضيف التاويل ـ إذا عاد هذا الأجنبي إلى الكفر يطبق عليه حد الردة لأنه مسلم ارتد عن دين الإسلام، فيطبق عليه الحد لقول الرسول الكريم: "من بدل دينه فاقتلوه"، ويفرق بين الزوجين بقوة الشرع، ويعتبر النكاح في هذه الحالة مفسوخا والعلاقة الزوجية علاقة غير شرعية.
لا لمبررات الفتيات
ويعتبر الدكتور محمد بولوز، الباحث في العلوم الإسلامية، من جانبه في حديث لـ"العربية.نت" أن موضوع زواج الفتيات المغربيات من أجانب يعد مؤشرا خطيرا على عمق التغييرات التي تجري في المجتمع نحو انسلاخ عدد من أفراده من قيم الدين وثوابته وأحكامه.
ويرفض بولوز أن يتم تعليل هذا النوع من الزواج من طرف الفتيات، مؤكدا أنه مهما تكن الأسباب التي يتعلل بها من يقدم من النساء على الزواج من الكفار فإنها لا تبرر هذا السلوك ولا تعطيه شرعية، وهي لا تختلف عن الأسباب التي يتعلل بها البعض للوقوع في السرقة أو الخمر والمخدرات أو الزنا وعموم الفواحش.
ويقول الباحث المغربي إنه من دون شك هناك أوضاع تشجع هذا النوع من الانحراف"الزواجي" مثل ضعف الوازع الديني وتفكك بنية المجتمع التقليدي بما أضعف سلطان عدد من العادات والتقاليد الجميلة المستمدة من الدين، وكذلك ضعف سلطان الأسرة واستغلال التغييرات الجديدة في مدونة الأسرة التي أضعفت من شأن الولي في الزواج بحيث يمكن أن يتم العقد بدونه، فضلا عن وجود بعض الأسر التي أصبح همها هو الخروج من وضعية الفقر والتهميش وتحسين وضعيتها ولو على حساب القيم والأخلاق والمتاجرة بأعراض بناتها.