بالرغم من التغيرات الكثيرة التي دخلت على حياة الأسرة العربية واقتراب أو ابتعاد الوالدين من نفسيات الأبناء فإن صورة الأب المتسلط مازالت باقية في حياة بعض الأسر ما يؤثر على الحياة المستقبلية للأبناء.
تتعدد اتجاهات الأهل في معاملة أطفالهم وتربيتهم وتوجيه سلوكهم حيث نجد أن الذين يسببون الأذى بكل أشكاله لأولادهم هم هؤلاء الذين يعانون من مشكلات نفسية خاصة ويشتركون جميعاً في أنهم لم ينعموا في صغرهم بالحب والتربية الصحيحين داخل أسرهم وأغلب هؤلاء الآباء يغفل عن أن طفله لا علاقة له بتقصير والديه في شأنه وهو صغير. وقد توجهنا إلى الاستاذ حسن زيتون الاختصاصي في علم النفس ليقول رأيه في ذلك فقال: التسلط هو استخدام الأهل للسلطة في توجيه سلوك الأبناء فبدلاً من اعتدال في تربية الصغير تكون المبالغة في متابعة حركاته وسكناته وفرض القوانين عليه أينما توجه فالسلطة دون إيذاء هي التي يقبلها الأبناء ويردون عليها بالاحترام والثقة, أما التسلط فهو المثير الأول لدوافع الكراهية والغضب لأنه يكون مقروناً بالقسوة في المعاملة وهو سلوك لا يتفق مع عطف وحنو الوالدين. فالابن المقهور أو المضطهد جراء قسوة أبيه لا يمكن أن يصبح شخصية مستقلة كما يظل يعاني سلوكاً قلقاً بين رغبته في الاستقلال وبين تأثره بشخصية والده المستبدة التي كثيراً ما تترك بصماتها على نفسه وتنعكس على أبنائه في المستقبل بشكل أو بآخر.
يقول خالد بعد تجربة مريرة من هذا الأسلوب التربوي الخاطئ: بلغت معاناتي من سيطرة وتدخل والدي في كل أموري الصغيرة قبل الكبيرة الشيء الكثير فعندما كنت في مقتبل حياتي العملية كنت أعتبره انساناً بلا عواطف وكثيراً ما تمنيت أن يكون بيننا حوار بدلاً من اتهاماته الدائمة عند أتفه الأخطاء ولم يكن والدي يستوعب بعض الضعف في ابنه ولم يتقبل مرة واحدة أنني من الممكن أن أحصل في مادة دراسية على علامة (جيد) بدلاً من (ممتاز) والآن أفرط كثيراً في تدليل ولدي الصغيرين.
وأخيراً نقول: الأب المتسلط مرفوض مهما كانت نياته ومقاصده ولا ننكر أهمية أن يكون الأب حازماً فالحزم مطلوب والحدة مرغوبة في بعض مراحل تربية الأبناء وخصوصاً الذكور ولكن دون إفراط يدمر نفسية الابن ويقضي على نمو شخصيته فيتحول إلى السلبية التي تدفع الأب إلى مزيد من التسلط.