كنت جالسا لوحدي في غرفتي المظلمة الباردة ..أقرؤ كتابا عن السعادة .. لم اكن ممن يفضلون القراءة عن مثل هذه المواضيع ..و لكنها تجربة ..احسست بوحدة اكبر و انا اقرؤ هذا الكتاب ..وضعته جانبا و خرجت من غرفتي ..ذهبت مباشرة لاشرب عصيرا باردا من ثلاجتي القديمة ..و عندما ارتويت رجعت لغرفتي حتى اكمل قراءة كتابي ..
فجاة رن الهاتف فأفزعني رنينه المفاجئ ..رفعت السماعة و لكن لا احد على الخط ..انزعج كثيرا عندا يرن الهاتف و لا احد يجيب ..يبدو الامر اشبه بلعبة سخيفة ..استلقيت على سريري و حاولت ان استرخي حتى انام و لكن الهاتف رن من جديد..
قمت متوترا و رفعت السماعة و أذا به صوت فتاة ...-الو هل تسمعني ؟
اجبتها باستغراب نعم اسمعك من انت ؟
-هل نسيت صوتي ؟
-جال في ذهني الف سؤال و سؤال ..قلت لها -لا لم اعرفك من انت؟
-اظن ان ذاكرتك ضعيفة للغاية
-اظن انك تمزحين معي
قالت بكل هدوء-لا انا لا امزح
-اذن ربما اخطأت في الرقم
-اجابت بهدوءها المعتاد -لا ام اخطئ
-اذن قولي لي من انت و مذا تريدين ؟
-اراك متوترا ؟ ماذا بك ؟
-لا لست متوترا و لكنك بهذه الطريقة ستجعلينني متوترا جدا
ضحكت الفتاة و قالت -اذا لم تعرف من أنا لن اقول لك
احسست بان الامر مجرد لعبة و لكن في الواقع اعجبني صوت الفتاة الرقيق
قلت لها -هل تعلمين اني كنت انتظر مكالمة مثل هذه
-حقا اعجبتك مكالمتي لك في هذا الوقت
-اكيد لقد كنت أعاني من وحدة رهيبة و انتظر صوتا رقيقا مثل صوتك يؤنس وحدتي
ضحكت الفتاة من جديد و قالت -اعجبك صوتي ؟
-بصراحة صوتك مميز
-كيف مميز ؟
-صوتك عذب و حنون و دافئ و...قاطعتني قائلة -كل هذا في صوتي ؟ ثم ضحكت
-و ضحكتك ايضا من النوع الرفيع
-من النوع الرفيع ؟
-نعم ضحكتك تجعل الانسان يبتسم ..
-سألتني -يعني لا تريد ان تعرف الان من اكون ؟
اجبتها بهدوء ايضا -هذا شأنك اردت ان تقولي من انت كان بها و ان لم تريدي ذلك انت حرة
-ممتاز كنت متوترا قبل قليل و الان انت هادئ هذا تحسن ملموس
-نعم هدوءك جعلني هادئا ..ربما هو نوع من العدوى
-ضحكت و قالت-قلت لي انك كنت تحس بالوحدة ..قبل ان اتصل بك
-نعم الوحدة صعبة للغاية ..ربما انت تعرفين ذلك ؟
-عندك حق فعلا الوحدة صعبة ..و لكنني انقذتك .
-اجل انقذتني و لذلك اشكرك جزيل الشكر و اتمنى لو تتصلين بي دائما
-سألتني مستغربة -و هل تحس بالوحدة دائما ؟
-في الحقيقة في اغلب الاحيان احس بها لانني اعيش وحيدا .
-اعرف انك تعيش وحيدا
-تعرفين ذلك ؟ شيء عجيب انت تعرفين عني كل شيء على ما يبدو و انا لا اعرف عنك شيئا ؟ الا يبدو الامر غريبا ؟
-قلت لك انك تعرفني و لكن ذاكرتك ضعيفة
-الحقيقة ذاكرتي ضعيفة لكن لا انسى اصدقائي ..
-و من قال انني صديقتك ؟
جاء دوري كي اضحك ضحكة قوية و قلت لها-اذا لم تكوني صديقتي هذا يعني انك من العائلة ؟ ربما تكوني زوجتي و انا لا اعرف
-نعم ربما
-تحبين المزاح اليس كذلك ؟
-لا و لكني اتكلم معك بجدية
-دعنا من كل هذا لا اريد ان اعرف من انت ..دعنا نتكلم في امور اخرى حتى اشعر بالنوم و اذهب.
-تريد ان تنام و تتركني وحيدة ؟
-انت ايضا تحسين بالوحدة مثلي
-اذا احسست بها انت احسست بها انا ايضا
-يبدو انك انسانة ذات احساس مرهف
-لكن احساسك ارهف من احساسي ..
-سالتها ليس من حقي ان اعرف اين تسكنين و كم عمرك ؟
-بما انك لم تعرف من اكون فليس من حقك ان تعرف عني شيئا ..
-تعرفين هذه اول مرة يحصل معي هذا الموقف ..
اجابتني -نعم اعرف ذلك
-و ماذا تعرفين ايضا عني ؟
-كل تفاصيل حياتك ..و كل ما يخطر ببالك اعرف ماضيك و حاضرك و مستقبلك
-انت الان تخيفينني ..تذكرينني بافلام الخيال و افلام الرعب .
-و قد يصير الخيال حقيقة
-لا اظن ان الخيال يصير حقيقة
سأسألك الان اذا كنتي تعرفين كل شيء عني قولي لي ماذا كنت افعل قبل ان تتصلي بي ؟
-كنت تقرؤ و ذهبت لتشرب ثم رجعت و استلقيت على سريرك
اعتراني رعب شديد ....احسست بشيء غير عادي ..كان جوابها صاعقة ضربت عقلي و اعصابي ..
في نفس الوقت شعرت بتوتر قوي و انا اسالها -مستحيل قولي لي من انت ؟
ضحكت ضحكة عالية و قالت -انت لا تصدقني لقد اخبرتك اني اعرفك و انت تعرفني ..لم التوتر يا عزيزي ؟
-انا لا اعرفك ..هذه هي الحقيقة لا اعرفك ..انت تتجسسين علي بطريقة ما
-كيف اتجسس عليك ؟بكامرا خفية ام بطرق سحرية ؟
-لا اؤمن بالسحر و لا بالجن و لا بالعفاريت
-و من قال لك انني ساحرة او جنية او عفريتة ؟
-من انت اذن قولي اعترفي ...
-اذا قلت لك لن اكمل الحديث معك .. و ساختفي من حياتك نهائيا
فكرت قليلا فيما قالت و اجبتها -حسنا انا موافق قولي و اختفي من حياتي
-انت متأكد من رغبتك هذه ؟
-فكرت من جديد و قلت -نعم متاكد
-قالت لي بصوت هادئ احسست بنبرته الحزينة -يعني لن تحتاجني مرة اخرى فكر جيدا ..ساساعدك في كل حياتك
-قلت لها بصوت مرتفع-انت تثيرين اعصابي ..كيف تساعدينني عبر الهاتف ؟ ام في عالم الخيال
-حسنا انت لا تريدني في حياتك اذن ساقول لك من انا و ارحل
-صرخت من جديد -هيا قولي
ولكن احسست اني فقدت سمعي ..لم اعد اسمع شيئا ..ما الذي جرى لي ؟ انا لا اسمع ..يا الهي ..
لا ها انذا اسمع الان لقد انقطع الاتصال ...الو الووووو ..
و ضعت السماعة ..احسست بصداع رهيب في راسي ذهبت لاستلقي على سريري و نمت .
في يوم الغد وصلتني رسالة قصيرة في هاتف جوالي تقول لن اقول لك من انا ..لانني احبك و لا اريد ان اختفي من حياتك انتظرني ..
الإثنين يونيو 08, 2009 1:19 am من طرف محمد
موضوع: لن اقول لك من انا 
