ذكر تقرير دولي صدر الثلاثاء أن حالات الاغتصاب الأخيرة التي حدثت في مصر، والتي وقعت ضحيتها فتيات قاصرات، بدأت تضاعف من الضغوط الإعلامية والشعبية الهادفة إلى التعاطي مع تلك الجريمة.
وتفيد الأرقام الرسمية أن هذه الجريمة تحصد 20 ألف ضحية سنوية، فيما يشكك خبراء بتلك الأعداد، ويزعمون أنها أكبر من ذلك بعشر مرات.
غير أن التقرير حذر من استمرار الممارسات التقليدية في بعض المناطق الريفية من البلاد، حيث تتكتم المرأة على ما تتعرض له خوفاً من "العار"، فيما تتم عمليات "تصفية" الضحايا تحت شعار "جرائم الشرف."
واعتبر التقرير أن البطالة والفقر وتأخر الزواج تدفع الشباب نحو ارتكاب هذا النوع من الجرائم بشكل متزايد.
وذكّر التقرير بأن ظهور الملف بهذا الشكل يعود إلى الحادث الذي شهدته مصر الصيف الماضي، حين كشف عن قضية تعرض الطفلة هند فرغلي، 11 عاماً، للاغتصاب من قبل رجل يبلغ من العمر 21 عاماً.
وقد امتنعت الطفلة عن كشف ما تعرضت له خوفاً من العواقب، إلى أن حملت وبلغت الشهر الخامس.
غير أن هذه الجريمة، وما رافقها من متابعة إعلامية واجتماعية، ساعدت على فتح ملف اغتصاب النساء على مصراعيه، في بلد ما يزال معظم سكانه ينظرون إلى الاغتصاب على أنه "بلاء" يصيب عائلة الضحية.
ونقل التقرير، الذي اعدته الشبكة الاتحادية الإقليمية للأنباء "ايرين"، عن ليلي دينوسن، مدير "مركز المعادي للطب النفسي" إن حادث الطفلة فرغلي، وحوادث مماثلة "سببت صدمة" للمجتمع.
ورغم أن الجرائم بحد ذاتها تتواصل منذ فترة طويلة، إلا أن هذه التطورات تسلط عليها المزيد من الأضواء.
من جهتها، قالت رانيا حميد، رئيسة وحدة الاستشارات النسائية في "مركز المساعدة القانونية للمرأة" بمصر: "نريد تغيير التقاليد.. لكن الأمر ليس سهلاً، فالعادات ترجع إلى أزمنة سحيقة، وعلينا تبديلها شيئاً فشيئاً."
وشكت حميد من المحظورات الاجتماعية التي تحول دون أن تكشف النساء عمّا يتعرضن له، قائلة إنها لم تصادف حالات قصدتها فيها نساء مصريات تعرضن للاغتصاب بسبب ذلك.
وأوضحت قائلة: "تعتبر النساء أن عليهن تضييق الدائرة التي تعرف بما تعرضت له، وخاصة في المناطق التقليدية من البلاد، حيث تنتشر 'جرائم الشرف،' لتتخلص العائلة من المرأة المٌغتصبة،" خاصة في المناطق الجنوبية، حيث تنفذ العملية من قبل أحد أفراد العائلة.
وأضافت: "هناك مشكلة الشرف.. قد يقوم الأخ أو ابن العم بقتل ضحية جريمة الشرف، متهماً إياها بقبول ما تعرضت له، وفقدانها لشرفها بسبب ذلك.. ولكن لمن سنقول هذا الأمر، للمرأة أم للمجتمع."
وتشير تقارير وزارة الداخلية المصرية إلى أن 20 ألف امرأة يتعرضن للاغتصاب سنوياً في مصر، بواقع 55 حالة اغتصاب كل يوم.
وقدّرت أنجي غزلان، الناشطة في حملة مناهضة التحرش بالنساء في "المركز المصري لحقوق المرأة" صحة ذلك، بقولها: "إذا قالت وزارة الداخلية إن العدد بلغ 20 ألف حالة سنوياً، فلا بد لنا إذا أن نضرب الرقم بعشرة."
ولفتت إلى وجود أسباب اقتصادية واجتماعية خلف عمليات الاغتصاب، وفي مقدمتها انتشار البطالة في صفوف الشبان، وتراجع مداخيلهم وقدرتهم على الزواج، مما يسبب لهم كبتاً جنسياً متزايداً يدفعهم لارتكاب الجرائم.
ويبدو أن الخلاف لا يقتصر على عدد المغتصبات في مصر، بل يمتد ليطال التعريف القانوني للجريمة. إذ يشير تقرير الخارجية الأمريكي للعام 2006 إلى أن إرغام الزوج لزوجته على ممارسة الجنس لا يعتبر اغتصاباً، وفق القانون المصري.