برح المقعد..ودع الأوراق..رائحة الأحبار..الكتب..الكلمات..نزح من مدخل العمارة دون إرادة..تساند بيده على كتف الإبن..ابتسما..تمهل فى الخطو..لوح بيده المتشابكة بأصابع الصغير.تتعانق ضخات الأنامل؛فى دفء الكف تبيت.قفز فى الهواء. تسابق بضع خطوات عن أبيه وصديقه المحامى الشاب.كان يصغى بكلمات تتطاير منها حمم الحماس.يشير له الصغير.يرسم له تعابير الألفاظ ويبتسم..تشق الحروف الصوت. تتصدى كدرع..يطلق فورات من القلب..يعلو صوت الرصاص؛ يخترق جدار السطور..يمزق شرايين الكلمات..ينثرها فوق الرصيف.تتكوم الجثة..تنزف الدماء..تخضبت الصفحات و الأوراق المخبوءة فى الضلوع؛وجيب الصديرى.يصرخ الإبن..يصيح المارة..يفزع الشاب..ينهار الجميع.
تطير الدراجة البخارية..تنشق الأرض تبتلعها..وسط خسة الظلام وخجل الليل.لم يزل صوتها يشق جدار القلب الصغير.تطأ "دجدجتها" المارقة صدر الجمع الغفير؛الذى تكوم وسط حلقة من الدم المتخثر.
التقط الشاب القلم المكسور من فوق الأرض..لملم الأحبار النازفة..أمسك الصغير..التقط آخر كلمات خطها..كانت لم تزل ساخنة..تدمغها بقع الدماء..يحملها فى راحة اليد..بدأ يخطو..تتمدد الحروف..تكبر..تملأ مساحات العقول..الألباب..يرددها الجميع..تهتف الألسنة..يردد القلب الكلمات..يعلو الحماس..تطوق السطور فوهات المدافع..تفجر إطارات العجلات التى تطأ أنفاس القلب..تسحق زجاجات"المولوتوف"تنزع المسامير المدفونة فى العقل شظايا.أتذكر ابتسامته..يحل (الفرج)بثنايا الصدرالمكروب