كنت اسير بخطى بطيئة على حافة الوادي السحيق العمق
لم تكن لدي اية فكرة عما أفعله هنا سوى اني خرجت من منزلي في منتصف الليل هذه باحثا عن نفسي ..
كان القمر يجري وبسرعة بين الغيوم الشفافة فحدقت فيه فتذكرت تلاطم امواج البحر الهائجة في تلك الليلة الممطرة والعاصفة
تلك الليلة التي لاتنسى من حياتي
حينها مزقت الامواج الرهيبة سفينتي كقطعة ورق الى قصاصات
ووجدت نفسي فجأة في المياه المتموجة كجبال ووديان والتي اخذتني معها وكأنني جالس في دولاب هواء مدينة العاب
كنت اسمع صراخ البحارة الذين فقدتهم والى الابد , وهم يستنجدون
وكان الظلام يحط علينا كشبح الموت
تذكرت عائلتي التي سأفقدها الى الابد ولكن اتتني بعض الكلمات التي كنت قد قرأتها في احدى ليالي حكاية السرير لابني الصغير مازن
كلمات حدوتة حيوانات حينما علمت الوزة صغارها سر البحر قائلة لهم :
البحر يأكل الجبناء..البحر يأكل الجبناء..البحر يأكل الجبناء..
كانت تلك الكلمات ترن في رأسي كناقوس
فنظرت الى الماء من حولي وانا اتحسسه وقلت له في داخلي بسخرية وبأسلوب مسرحي :
- ياحبيب العشاق لست خائفا منك ابدا .. سأسلم امري الى آمرك ان يتدبرني...
ولااعلم ماذا حل بي بعدها سوى اني وجدت نفسي ملقيا على ظهري في الساحل الرملي , وانظر في بدر طالع من بين مجموعة من الرؤس السوداء والمحدقة في دون حراك
الى ان كسر احدهم الصمت قائلا الحمد لله انه حي...
وراحت الايام والاحداث واصبحت ذكرى ويوم ميلاد من جديد ..
نعم فهمت من تلك الليلة المريرة شيئان مهمان اوله هو ان اغلب حالات فشل الانسان في امور حياته سببه الخوف والهلع الذي يعطل صبره وتوازنه ويحطم اصراره وطاقته
والشيئ الثاني هو ان لاينسى الانسان الله ...
وان طلب شيئا فليطلبه منه وبخلوص...
وفي هذه اللحظة سمع خضر صوت غريب خلفه يقترب منه فاشعل المصباح اليدوي بأتجاهه ليراه بوضوح فرأى ابنه الصغير والوحيد مازن يأتي اليه لابسا سروال النوم فهرع خضر للقائه قائلا
ـ حبيبي مازن ماذا تفعل هنا يابني وفي هذه الساعة ؟
ـ لااعرف ابي ؟ لم استطع النوم بحثت عنك ولم اجدك ..رأيتك هنا من بريق ساعتك التي عكست نور القمر..
اخذ خضر مازن في حضنه وسار به الى البيت ومن ثم الى السرير .. هناك اخبره ابنه بأنه رأى حلما فيه سفينة تغرق ولم ينجو منها سوى رجل واحد كان اب لولد وبنت ... فتعجب خضر من قصة حلم ابنه وفكر في نفسه وقال ولكني لااملك سوى صبي واحد..
دق جرس الهاتف في الصالة فهرع خضر اليه ورفع السماعة متسائلا وهويقول
ـ الو ؟
فكان في الجانب الآخر اخته الكبيرة وداد فأجابته قائلة
ـ مبروك خضر مبروك
ـ مبروك ؟
خبريني وداد ؟
ـ بنت زي القمر ..وصحة زوجتك ممتازة..
ـ الحمد لله ..ولكن كيف انها لمفاجأة؟
ـ نعم ولادة مبكرة ..(وتستمر) اسمع خضر وكما وعدتموني اخترت لها اسما رائعا بنفسي
خضر ويغمره الفرح وبنبرة مرتجفة
ـ موافق اختي الغالية ..وماذا سيكون ؟
ـ امواج او نجاة احداهن .. خضر ...؟ مارأيك؟
ـ نجاة اجمل اليس كذلك؟
تمت