قصة حكاها القمر و حاكها الليل و زينها بنجومه و لبسها النهار فازداد حلة و بهاء
غابت الشمس على الروابي و تركت نورها البلوري على سفوح الجبال لتدخلها في قوقعة الليل الهادئ
جلست صبية على إحدى الروابي رافعة نظرها نحو السماء محدقة إلى قرص الشمس المحمر و كأنها تقرا على صفحات الشمس ما آتي الأتي و تقلب صفحات الأجيال الغابرة
و فجات اقتحمت وحدة الصبية حورية مزدانة بعقود النرجس و الياسمين مرتدية حلة زادتها جمالا
ووقفت بجانب الصبية التي سألتها بكل هدوء من أنتي
فقالت الحورية بصوت يشبه لحن عذب
أنا طيف الحياة الذي يجهله البشر أنا من يسعى ورائي بنو الإنسان لكنني كالسراب كلما اقتربوا مني لم يجدوا شيئا
ينسى حياته و يضيع شبابه و ربيع عمره ليمتلك منزلة عاليه
فلا يكترث بأيامه و هي تتسرب من بين يديه كزبد البحر تهب عليه نسمات الصباح فيصبح كأنه لم يكن
أليس هذا حال بنو البشر ساعيا وراء الحياة دون تعب واكتراث بالماضي و الحاضر و المستقبل كهيكل تلعب به الريح ذات اليمن و ذات الشمال فتنثره على ارض الفناء
فيصبح تائها فيما حوله راكضا وراء سراب بلا جدوى
هذا هو حال الإنسان تائه في دوامة المال و الجاه و الترف متناسيا أخاه الفقير الذي يعاني من طيف الكآبة ووحوش الظلام
أخذت الحورية بيد الصبية و سارت معها و علامات التساؤل بادية على وجهه الصبية
سالت الصبية إلي أين أيتها الحورية
فقالت إلي دوامة الحياة التي دنسها بنو البشر بترفهم و جاههم الفاحش
انظري إلي أطلال الحياة العالية و هذه المباني الشامخة و المصانع الضخمة هذا صنع بنو الإنسان في قوقعة الحياة و المال
و انظري هناك إلي خالص الطبيعة إلي الأرض المزدانة بحلة خضراء و أشجار باسقة
حياتان متناقضتان و لكن بينهما لا توجد حياة للفقير المحروم من رغد العيش و ابسط وسائل الحياة
أليس هذا المال و هذا الثراء الفاحش من أعمى بصيرة بني ادم فنسى أخوه في ظلم الفقر مهزوما حتى تنهشه كلاب الجوع و التشرد
هذه هي الحياة مال و جاه و قوة
و لكن أين هي حياة الفقير يا ترى
******************
ارجوا ان تنال الاعجاب فهذه التجربة الاولى من هذا النوع