غالبية الذين تابعوا الصلح الذي تم في بيروت بين أنغام وشيرين عبد الوهاب لم يعرفوا على وجه الدقة سبب الخلاف بين النجمتين من الأساس، فما تردد أن الجفاء بدأ نتيجة تصريحات صدرت من احداهما تجاه الأخرى، وهو ما حدث فعلا عندما تكلمت شيرين عن نجوم جيلها وتحدثت عن مكانتها من دون ان تشير إلى أنغام التي يعتبرها الكثيرون «الصوت الأصيل» في جيل المطربات المصريات الحالي، هذا قبل أن تظهر شيرين وتحقق جماهيرية ساحقة تزامنت مع انضمام أنغام إلى روتانا وتراجع شعبيتها على الأقل بالنسبة للجيل الجديد من المستمعين الذين انحازوا لشيرين.
لهذا كله لم يكن الخلاف بخصوص تصريحات متبادلة، أو تجاهل متعمد، لكنه نزاع على لقب، نعم لقب يريد أبناء الجيل الجديد من الفنانين أن يحصلوا عليه بكل الوسائل هو «النجم رقم واحد»، وهو للأمانة صراع ليس بالجديد، بل ظهر في كل الاجيال.
فالكل يذكر الأزمة بين عبد الحليم حافظ وفريد الاطرش، وكان محورها اللقب نفسه، وانطلقت عندما قال عبد الحليم حافظ انه لا يغار من فريد الاطرش لأنه في سن والده، وعندما ظهر هاني شاكر قيل وقتها انه جاء ليحصل على اللقب نفسه من العندليب.
وهكذا استمر هذا الصراع، لكنه في أيام الانترنت والفضائيات أخذ شكلاً مختلفاً، جعله أكثر وضوحاً وتكرارا، وغالباً من ينشب الصراع بين مطرب من الجيل الحالي ونجم من الجيل السابق عليه، أو بين نجمين في جيل واحد هو جيل الشباب، كما هو الحال مع أنغام وشيرين.
أنغام التي حققت صعودا مفاجئاً في النصف الثاني من التسعينات، منذ ان انفصلت فنياً عن والدها محمد علي سليمان، وعرفت النجاح مع الفيديو كليب، لتتفوق على أسماء مصرية عديدة كانت واحدة منهن في فترة من الفترات، وظلت المطربة الأولى حتى ظهرت شيرين التي نجحت بعد أغنيات قليلة في فرض اسمها وجماهيريتها، سواء على صفحات الصحف، أو في الحفلات والكليبات. ليصبح السؤال الذي شغلهن طويلاً، من الأحق بلقب مطربة مصر رقم واحد، شيرين من جانبها حصلت على اللقب بطريقتها الخاصة، فهي لا تسكت على حقها كما تقول، وقالت انها حققت في خمس سنوات ما لم تحققه انغام في عشرين عاماً، انغام الهادئة لم ترد مباشرة، لكنها اعربت عن استيائها مما قيل، وبدأ البرود بين الطرفين، وهو ما يتمثل في استحالة الجمع بينهما في حفل أو برنامج، أو ان تشيد إحداهما بالأخرى علنا.
وهنا يبدو دور نوادي المعجبين التي بدأت تلعب دوراً مهماً في تزكية تلك الصراعات، معجبو أنغام يطاردون اخبار شيرين على الانترنت ويعلقون مذكرين بمشاكلها، وأنها لم تصل لمستوى أنغام في التعاملات على الأقل، بينما معجبو شيرين يؤكدون أنهم ليسوا بحاجة للدفاع عن نجمتهم، فنجاحها متواصل، والدليل أنها انضمت لنفس الشركة التي تعاقدت معها انغام مع فارق مهم هو الضجة والجدل اللذان صاحبا هذا الانضمام.
غير أن روتانا كانت كلمة السر في الصلح بين النجمتين، عندما جمعت بينهما في برنامج هالة سرحان خلال رمضان ونجحت الاعلامية المصرية في اعلان الصلح، الذي هدأ الأمور بالطبع بين الطرفين لكن الاجابة عن السؤال ما زالت غائبة «من فيهما نجمة مصر الأولى؟».
المعركة تتكرر بالطبع بين المطربين الرجال، تامر حسني رفيق مشوار شيرين، لا يريد التسليم بأن عمرو دياب تفوق على نجوم جيله والاجيال التالية، المطرب الذي حصل على الميوزيك أوارد ثلاث مرات، ما زال هو «النجم رقم واحد»، لكن تامر الذي بدا واضحاً أن الألقاب تهمه بشدة، لدرجة اعلانه «نجم الجيل» وهو في ظلمات السجن، لم يترك فرصة من دون الإعلان عن أن نجوميته وجماهيريته قاربت عمرو دياب، بينما قابل هذا الأخير تلك الحرب بالصمت كعادته واثقاً في قدراته التي توجت أخيراً بالميوزيك أوارد الثالثة عكس كل التوقعات، فيما اكتفى تامر بنشر شائعة ترددت عن أنه مرشح لتلك الجائزة العام الماضي وقتما كان في السجن، إذن اكتفى عمرو بالجوائز، وحصل تامر على الشائعات.
لكن تامر لم يكتف بمعركته مع دياب، فإذا كان الأخير نجماً يغني منذ 22 عاماً وهزيمته تحتاج لوقت، فإن تامر مطالب على الأقل بفرض سطوته على نجوم جيله، لهذا دخل في معركة جانبية مع محمد حماقي، ثم رامي صبري، وظهر المعجبون مرة أخرى، تامر عرف كيف يحشد جمهوره وينظمهم الكترونيا، بشكل يضمن له التفوق في كل استطلاعات الرأي، والاشادة به في شرائط الرسائل القصيرة على الفضائيات الغنائية المختلفة. وما زال جمهور محمد حماقي يذكر كيف فاز تامر باستطلاع رأي في موقع الكتروني مصري شهير بلقب مطرب العام بعد شهرين فقط من خروجه من السجن، قبل أن يتراجع الموقع وتم اعلان حماقي نجماً للعام السابق.
ومعارك النجم رقم واحد مستمرة، لكن هذه المرة في الغناء الشعبي، وطرفا النزاع حكيم وسعد الصغير، والحرب بينهما كانت أكثر قسوة ومعلنة بوضوح بما يناسب طبيعة الطرفين، بالمقارنة بالحرب بين انغام وشيرين وعمرو وتامر.
فبعدما رددت الصحافة ومعها الجمهور أن سعد الصغير أخذ مكان حكيم في سوق الغناء الشعبي بينما كان هذا الأخير مشغولاً بحفلاته في الدول الاجنبية، خرج سعد ليؤكد أن حكيم أعلن الحرب ضده وسحب عازفين من فرقته، ورفض أن يسلم عليه عندما جمعهما لقاء، بينما نفى حكيم تلك التهم، واكتفى بأن الصحافة هي التي تروج لمطربي العنب والسمك الذين أفسدوا الغناء الشعبي.
ورغم أن نجومية سعد تراجعت بعض الشيء في الأونة الأخيرة، لكن حكيم لم ينجح في الاستفادة من ذلك بسبب اصراره على الخوض في مشروعات مع مطربين اجانب لا شعبية لهم في مصر، وعلى أساس أن جمهور حكيم لا يريد الاستماع الى كلمات اجنبية لجأ لها حكيم بعدما ظن أن الامور استقرت له في السوق المصري من دون أن يتوقع أن سعد الصغير الذي بدأ مشواره سائق تاكسي سيأخذ مكانه بهذه السهولة.
ويعلق الموسيقار حسن شرارة عضو مجلس نقابة الموسيقيين على هذه الظاهرة، مؤكداً أن تلك المشاحنات افراز طبيعي للتغير الذي شهده الوسط الغنائي في السنوات العشرين الأخيرة، وهو التغير المرتبط بالتدهور في الذوق العام وانتشار وسائل دعاية جديدة تسمح لأي مطرب بالانتشار وفرض اسمه في أشهر معدودة.
واضاف قديماً كان المطرب يعتبر من سبقه في الغناء بألبوم واحد شخص صاحب خبرة، أما الآن فالكل يسعى لاحتلال المراتب الأولى بينما قد يكونون ما زالوا بحاجة لمزيد من التدريب وتعلم اصول الموسيقى، لهذا نجد المطربين يعلنون ويروجون عن أسعارهم بشكل مبالغ فيه ويفوق الحقيقة، عكس زمان، كان المطرب يقلل من أجره الحقيقي خوفاً من الضرائب.
الآن المطرب يقول انه يحصل على ضعف أجره، ويدعي أن حفلته حضرها عشرات الآلاف من المعجبين، مع أن هذا أمر غير منطقي من الأساس، وقد يكون هذا العدد دخل مجاناً وهنا فارق كبير، وساهم في كل ما سبق وجود مجلات ومحطات فضائية تريد التربح من وراء هؤلاء النجوم فتنشر أخبارهم دون التدقيق فيها، وترفعهم لأعلى الدرجات دون اعتبار للجمهور الذي تغيرت مفاهيمه أيضاً.
وتابع, ولهذا لم يعد أحد يتعجب عندما يسمع ان الجمهور نظم مظاهرة أو اطلق موقعا الكترونيا لمساندة فنان الكل أجمع على أنه مخطئ ويستحق العقاب، فهناك أمور كثيرة تغيرت سمحت بهذه الحروب، مع العلم بأنه مهما تغير الزمن فالبقاء للفنان الأصيل والذي يستطيع الاستمرار لمدة أطول.